Friday, October 31, 2008

ولم ينطفئ حبك (( 2 ))ـ






ولم ينطفئ حبك (( 2 ))ـ

خرج يحيى فى المساء يسير فى الشارع فى خطوات يائسة وبلا هدف .. يسير لمجرد السير ولا يعرف اين ستذهب به قدماه .. وتترائ امام عينه صورة مريم وهى تبتسم ابتسامتها الحلوه التى تبعث فى نفسه الراحه كدعوة لسلام العالم يحملها نبى لإسعاد امته ويرتاح.. وهو يرتاح دائما امام ابتسامة مريم حتى لو تخيلها دون ان يراها حقيقة متجسدة امامه .. ثم تصعد امام عينه صورة والدها فيمتلكه احساس بالقهر والظلم ، نعم إن والدها ظالم .. ظلم ابنته قبل ان يظلمه هو .. ان مريم تبادله نفس الحب بل يخيل اليه احيانا انها تحبه اكثر، ان ما بينهم عمر .. عمر طويل من الحب ، ثم تتلاشى صورة والد مريم وتظهر بدلا منها صورة والده .. فيبتسم ابتسامة رثاء لهذا الوالد عندما شاهده اليوم يبالغ فى الإعتذار لوالد مريم ونفسه منكسرة.. كأنه أخطأ خطئاً فادحاً ثم يسترجع بخياله زكرياته مع والده .. كان ابا حنونا بالرغم من فقره لم يبخل يوما على اولاده بشئ فى حدود مقدرته .. وكان يعافر فى الحياة حتى يدبر نفقات تعليمة هو واخته خديجة .. لم يفكر فى نفسه حتى بعد رحيل زوجته فى ان يتزوج مرة ثانية بل فضل ان يعيش حياته مع اولاده ولهم فقط .. كان يجاهد فى الحياة من اجل اولاده ،، كان يعتبرهم ثروته الحقيقية فى هذه الدنيا .. فبجانب حراسته للعمارة كان يبيع المثلجات امام بابها ويقضى احتياجات السكان من شراء اطعمة واشياء اخرى واحيانا يصعد لينظف الشقق وينظف سيارات اصحاب الشقق..كل هذا ولم يشك او يئن فى يوم.. بل كان يراه دائما راضيا
سعيدا .. كانت قمة سعادته عندما يجتمع مع اولاده على مائدة الطعام فى العشاء بعد عناء يوم وهو يشاهد التلفاز معهم وانفاس اولاده حوله تدفئه وتشعره بأنه غنيا بل اغنى من اصحاب الشقق الذى يخدمهم .. ... ثم تتلاشى صورة والده امام عينه وتظهر صورته هو.. يرى نفسه وهو على سلم الطائرة مسافراً للبعثة ومريم تودعه باكية وهو يبكى معها،، ويتفتق ذهنه لسؤال.. ماذا لو اخذها تسافر معه وتزوجها رغم إرادة والدها ‍‍‍.. لكن .. إن لها سنة فى الجامعة لم تنتهى، ثم ان هذا ليس حلاً وليست من اخلاقه ان يتزوجها بدون موافقة اهلها .. ويحتار وتشتد به الحيرة وهو يجهل مصيره مع مريم.. كيف سيتركها هكذا ويسافر.. ثم ماذا يفيد المستقبل والشهادة والدكتوراه بدون مريم .. انها المستقبل .. انها الحياة واذا فقدها فقد معها الحياة.. لا مستحيل ولكن ماذا بيده.. انه اضعف من ان يقف امام رغبة والدها واغرورقت عيناه بالدموع وهو يسير حتى تعب من طول السير والتفكير الذى طمس عقله وعاد منهمكا ولم
يعرف كيف عاد وكيف القى بنفسه على السرير بملابسه وحزائه ونام ................
----------------------------
فى الساعة الثامنة من صباح اليوم التالى قام يحيى من نومه واحداث الأمس مازالت معلقة برأسه وبدل ملابسه وخرج دون ان يتناول افطاره مع والده واخته كما اعتاد واتجه الى الجامعة الأمريكية.. كان عليه ان يقابل مريم يقابل ابتسامتها الحلوه التى تبعث فى نفسه الراحه.. راحة من الزوابع التى تساور عقله ويتكلم معها كثيرا ، لعله يرتاح وانتظر حتى تنتهى من محاضراتها .. انتظر طويلا امام الجامعة حتى لاح امامه خروج الطلبة والطالبات.. واقترب يكتشف مريم من بين زحام الطلاب ووجدها وما ان رأته حتى جرت عليه صائحة بإسمة
- يحيـــى.. قالتها وكأنها تستنجد به ، ولكنه لم يجد ابتسامتها الحلوه التى تبعث فى نفسه الراحه معلقة على شفتيها كلما تقابلا ، كانت تبدو حزينه مهمومة ونظراتها لا تستقر داخل عينيها وكأنها تحولت الى علامة استفهام كبيرة .. تسأله بها عن المجهول الذى ينتظرهما . وسارت معه دون ان يتبادلا اى كلام .. كانو يسيروا فى صمت وكأن ألسنتهم لم تعد تقوى على الكلام من ظلال الحزن المخيم عليهم.. حتى نطقت مريم فى صوت مُحشرج وقالت:
- لا يجب ان نستسلم من اول جولة يا يحيى.. اننا لم نفكر فى هذا الرفض ابداً بالرغم من انه كان احتمال متوقع..واستطردت.. انه خطئنا كان يجب ان نفكر فى هذا الإحتمال
وقاطعها يحيى قائلا وهو ينظر فى الارض
- وماذا لو فكرنا فيه ... ؟ ماذا كان سيحدث ... ؟ إن ابوك حكم علينا ظلما كالقاضى الذى يحكم بدون دليل او اثبات .. يحكم لمجرد ان واجبه يحتم عليه ان يحكم .. واستطرد.. انه خطأى انا يا مريم ..انا الذى عشت هذا الوهم دون ان ارى المسافة التى بينى وبينك .. انه سلم عالى،، عالى جداً لا استطيع الصعود اليه ..
فقالت مريم فى اشفاق
- لكن انا استطيع النزول يا يحيى لتقترب المسافة واستطردت . . ارجوك يا يحيى لن نُهزم من اول جولة وانا قلتها لأبى صريحة . . لن اتزوج احد غير يحيى .. لن يمسسنى احد غيرك .. وانت تعلم جيداً ما مقدار العند والإصرار التى تتصف به حبيبتك .. وانا متأكدة ان ابى سيلين بمرور الوقت ويرجع عن هذا القرار .. صدقنى يا يحيى هى مسألة وقت ليس إلا
وقال فى انكسار
- لا اعتقد انها مسألة وقت .. لو رأيتى نظرة والدك وهو يكلمنى امس لن تقولى ابداً انها مسألة وقت ، كانت نظرة كلها احتقار وتحد عنيف
وقاطعته مريم وهى تقول فى لهجة الواثق
- سافر يا يحيى
فقال مندهشا
- ماذا .......؟
وقالت بنفس اللهجة
- قلت لك سافر واطمئن لن اكون لرجل غيرك واستطردت .. ستعود وتجدنى فى انتظارك فى انتظار الدكتور يحيى .. لن اتنازل عن الدكتوراه ، هذا مهرى للزواج لو كنت تريدنى ، ووضعت يدها فى يده وهى تقول فى همس :
- - اطمئن يا يحيى انت دائما فى قلبى، وابتسمت ابتسامتها الحلوه.. هذه الإبتسامة التى تبعث فى نفسه الراحة
-----------------------
لم يبقى سوى اسبوع واحد ويسافر يحيى. كان مشغولا فيه بانهاء اوراق السفر من توقيعات واختام الجهات الحكومية ومكتب البعثات والإجراءات الأخرى للسفر ، وهو فى ذات الوقت مشدوه الفكر بين السفر ومريم فعندما يفكر فى السفر والحياة الجديدة التى تنتظره فى امريكا،، حياة جديدة لم يتعودها تقفزامامه صورة مريم وهى تبتسم ابتسامتها الحلوه التى تبعث فى نفسه الراحه فيفكر فيها وفى تاريخه معها.. انه عمر لا يستطيع ان ينساه .. انه حياة ومن يستطيع ان ينسى عمره وحياته واثناء تفكيره فيها تقفز امامه البعثة والسفر لأمريكا والدكتوراه و احلام الغد .. لابد انه سيكون غدا افضل .. عندما تعود من امريكا حاملا فى يدك شهادة الدكتوراه فى الفيزياء وتصبح بعدها استاذا فى الجامعة .. ثم تأخذه احلامه لبعيد ويتجسم فى خياله المستقبل الى اين ذاهب .. الى التدرج فى وظيفته كأستاذا فى الجامعة ثم عميدا لكلية العلوم ثم نائب رئيس الجامعة ثم رئيسا للجامعة وربما .. ربما وزيراً ، لِما لا..! انهم عادة يختارون اساتذة ورؤساء الجامعات فى منصب الوزارة ويفيق من احلامه وتبقى ابتسامة حلوه تملأ وجهه .. ابتسامة رضاء.. ابتسامة مريحة كالتى تبتسمها له مريم فتبعث فى نفسه الراحة فيرتاح،، انه يحس الأن انه مرتاح .. ربما لأنه اقتنع بكلام مريم.."انها مسألة وقت"، ومن يعلم فربما فعلا والدها يُغير رأيه عندما يراه استاذا فى الجامعة يحمل شهادة دكتوراه فى الفيزياء من امريكا والمجتمع يقدره ويحترمه.. من يعلم ..؟ واقنع نفسه بأنها مسألة وقت.
==================

Saturday, October 25, 2008

(( 1 )) ولم ينطفئ حبك



ولم ينطفئ حبك


وتبقى الزكريات .. هذا البوست عبارة عن قصة كنت قد كتبتها منذ عامين وكنت معتزا بها جدا وسأرفعها على المدونة على اجزاء قصيرة نظرا لطول احداثها

--------------------------------------


مقدمة القصة كما كُتبت وقتها


اعزائى ..مازالت المعتقدات البالية تؤثر على عقول الناس الى اليوم..بعضهم وليس الكل
طبعا، الفروق والمظاهر الاجتماعية بينهم بصرف النظر عن كون هذا الانسان ناجح فى حياته العلمية او العملية ، فالبعض ينظر هذه النظرة التقليدية..هذا ابن من..؟ وهذه ابنة من ..؟ وربما احداث هذه القصة حدثت بشكل آخر..وهوعندما قرأت ذات يوم خبرا فى احدى الصحف ان سيدة يابانية تجاوزت الثامنين من عمرها تزوجت واقيم حفل زفافها على حب عمرها الطويل لرجل فى السادسة والثامنين من عمره وسط فرح احفاد الزوجين.. فقد نشئت قصة حب بينهما منذ اكثر من ستين عاما لكنه لم يكلل بالزواج لإعتراض اهل العروس على مكانة العريس اجتماعيا والتى لاتناسبهم .. ومرت السنون . تزوجت هذه السيدة من رجل آخر وتزوج هذا الرجل من سيدة اخرى وتمر اعوام كثيرة يرحل فيها زوج السيدة وزوجة هذا الرجل ويتقابلا صدفة فيجترو زكريات حبهم الخالد ..ويقرروا الزواج فى هذا العمر فى تحدى منهم لإرادة زمن واهل واراهم الثرى وياللاقدار من حكم.... ولعل هذه القصة قد حدثت او تحدث او ستحدث ولكن تقاليدنا لن تسمح بهذه النهاية اننا لا نسمح ان تتزوج سيدة فى الثمانين ولكن فى اليابان ممكن وهذا بالضبط الفرق بيننا وبين اليابان

احمد


********************************************
(الجزء الأول)..

لم يعى منذ متى بدأ هذا الحب . ولكنه وجد نفسه دائما يتوق الى رؤيتها وكلامها وابتسامتها الساحرة التى تبعث فى نفسه الراحة .. ولم يعى ان هذا الحب مستحيل او محكوما عليه بالإعدام.. ربما لأنه كان صغيرا وقتها فى العقد الأول من عمره وهى بنت الثمانية ربيعا.. او لم يكن يعى اين مكانه بالتحديد من المجتمع وهو ابن حارس العمارة التى تسكُنها هى مع عائلتها فى احدى شُققها الفخمة،، هذه الفتاة الصغيرة التى تضج ملامحها بالبراءة والهدوء والجمال وهو يرتاح دائما عندما ينظر لهذه البراءة وهذا الهدوء وهذا الجمال.. ويمرحون ويلعبون دائما امام بهو العمارة او فى ردهة الطابق التى تسكن به ولا يشعرون للحظة واحدة من هو ومن هى .. وهى مريم ابنة المهندس عبد الحليم النجدى والمرشح بقوة لرئاسة مجلس ادارة احدى شركات الحكومة الكبرى،، وهو يحيى جابر مسلم ابن جابر مسلم حارس العمارة التى يقطنها عبد الحليم النجدى.. لكن البراءة لا تعترف بهذه الفروق وهذه المسميات.. ولايزالوا يلعبون يمرحون..ينسوا معا الوقت والأهل والفروق ويذبوا ويهيموا فى ملكوت من البراءة اللانهائية.. وتمر اعـــــــــوام يرسم فيها الزمن خطوطا رائعة الجمال فوق وجه مريم وتلتحق بالجامعة
وتتخصص فى دراسة البيزنس بالجامعة الامريكية ،، وبالرغم من اُمية جابر مسلم إلا انه يعلم جيدا ما قدر التعليم ولا يفوت هذه الفرصة على ابنائه يحيى وخديجة ،، ويظهر على يحيى تفوق ملحوظ فى الدراسة حتى انـه كان من العشر الاوائل فى المرحلة الثانوية.. ويلتحق بكلية العلوم لدراسة الفيزياء .. إن كلية العلوم كانت بالنسبة له حُلما بدأ عندما قرأ بالصدفة وهو فى المرحلة الاعدادية كتابا عن إنجازات انيشتين وعبقريته العلمية فأصيب بعدها بحالة من الولع بهذا العالم الفذ ................ ويشب حبا عفيفا طاهراً بينهم.. ويُمنى يحيى نفسه بمستقبل افضل ويبدأ برسم هذا المستقبل من السنة الاولى فى دراسته الجامعية فيتفوق فيها حتى انه كل عام كان ينجح بتقدير امتياز .. وتنتهى دراسته الجامعية محققا فيها نصراً عظيما فقد كان اول دفعته.. وتم تعيينه معيداً بالكلية لمدة عام تم ترشيحه بعدها الى بعثة امريكا لنيل الدكتوراه على نفقة الدولة ..وتفرح به عائلته الصغيرة وسكان العمارة، إن معظمهم يعتبر يحيى كإبنا لهم .. لما عُرف عنه من دماثة الخُلق وحلاوة اللسان ونبوغه حتى ان الكثير توقعوا انه سيكون له شأنا فى المستقبل..ان تفوقه العلمى يؤهله لذلك ، ويسعد الحبيبان يحيى ومريم بهذا النجاح وهذا الحب ويتفقان على اعلان الخطوبة قبل السفر للبعثه.. انه الأن مؤهل ان يخطبها رسميا فشهادته فى يده واحلامه تتجسد فى خطى ثابتة وواثقة والمستقبل يفتح له بابا مُشرقا وحبيبته معه تبادله حب الطفولة والصبا والشباب.. وكان عليه ان يُفاتح والدها رسميا، وعلاقته مع والدها وزكرياته وتاريخه معه يُشجعانه على ان يفاتحه فى طلب ابنته مريم.. لقد كان دائما يراه بشوشا مبتسما كثير المزاح سواء معه او مع والده..... ..... ويصعد يحيى مع والده الى الطابق الثالث حيث يقطن المهندس عبدالحليم النجدى .. وبعد مقدمة حرص فيها ان لا تكون طويلة فاتحه فى موضوع خطبته لمريم و فجاءة يتحول وجه المهندس عبد الحليم ..الوجه الذى دائما كان يراه بشوشا طيباً هادئا الى بركان ثائر.. بركان يقذف بالحمم وقال له فى صوت اشبه بالصراخ وهو ينظر له نظرة قوية كلها تحد واحتقار:
- قد جُن جنونك يا يحيى.. انسيت من انت وابن من ...........؟ ام ان المعاملة الطيبة التى كنا نعاملك بها جعلتك تقفز فوق خيالاتك لتأتى اليوم تطلب يد إبنتى.. أنسيت من هى مريم..؟ .. واستطرد وهو ينظر الى جابر فى احتقار:
- ماذا جرى فى الدنيا يا جابر إن كان ابنك اغرته شهادته وتصور بها انه وصل الى درجة ان يطلب مريم .. ماذا اغراك انت لتوافقه على جنونه..
ووقف جابر وهو يعتذر له فى ادب اعتذاراً مبالغا فيه وهو يحنى ظهره حتى يكاد وجهه يلامس ركبتيه وكأنه ارتكب جُرما فى حق المهندس عبد الحليم.. حتى قاطعه يحيى وهو يقول لوالد مريم فى هدوء يوارى غضب:
- استاذ عبد الحليم .. إن كان ابى هو حارس العمارة التى تسكن فيها سيادتك فهذا ليس يعيبه بل يشرفه.. ان هذا الرجل كان يخدم هذه العمارة منذ اكثر من عشرين سنة بإخلاص وامانة وسيرته الطيبة يعلمها الجميع .. وان كنت انا ابن هذا الرجل حارس العمارة فهذا شئ لايعيبنى بل يشرفنى .. ان هذا الرجل علمنى حتى وصلت الى ان اكون معيداً فى الجامعة وتُرشحنى الى بعثتها لنيل الدكتوراه .. وإن كنت قد جئت اليوم لأطلب يد ابنتك.. فليس لأن شهادتى العلمية اغرتنى بذلك ..بل لأنى ابن هذا الرجل الشريف المكافح الذى تعرفه انت جيدا يا استاذ عبد الحليم .
ثم ان الله لا يفرق بين عبداً وآخر إلا بتقواه وعمله فى الدنيا.. لا بأن هذا رئيس مجلس ادارة وهذا حارس عمارة ، كلهم سواسية امام الخالق،، ولعل هذا الرجل الذى صرخت فى وجهه الأن هو اقرب الى الله من اصحاب ملايين يبجلهم المجتمع بينما قلوبهم مليئة بالحقد والسواد.. اسف يا استاذ عبد الحليم على تجرأى وجنونى........ واعتذر جابر مرة اخرى بطريقته المبالغ فيها وكأنه يستجدى من والد مريم الصفح عن هذا الخطأ الجسيم الذى اقترفه
ولم ينطفئ حبك .
وذهب وراء يحيى ..... وكانت مريم فى غرفتها تسمع هذا الحوار بينهم حتى نهايته.. والقت بنفسها فوق الفراش تبكى بكل قطعة فيها بعد ما خرجا بكاءاً يُمزقها ويُغير الدنيا فى عينيها
إن يحيى لم يكن مجرد شابا تعرفت عليه واحبته.. انه طفولتها وصباها .. شبابها وزكرياتها كلها ..انها احيانا تشعر انه يسكن تحت جلدها ويسرى فى دمها.. انها تتذكرانه لم يمر يوما عليها منذ تعلمت الكلام لم تنطق فيه اسم يحيى .. ولم يخطر على بالها يوما تلك الفروق والمعتقدات الباليه التى اثارها والدها فى نقاشه معه .. ثم ان المجتمع عندما ينظرلأى إنسان اليوم ينظر لنجاحه هو لوضعه هو لا لوضع والده.. ثم ما ذنب يحيى إن كان والده حارس عماره ،،انه لم يختار حياة اهله ولكنه قادر ان يختار حياته هو ومستقبله هو ..ومستنقبله يؤهله لحياة افضل .. حياة ناجحة يحترمها المجتمع ويشير اليها بالنجاح والإحترام والدولة بذاتها اعترفت بهذا النجاح وانفقت من مالها لتدعيمه بمنحُِِِِِِِِِه بعثة لأمريكا لنيل الدكتوراه.. ماذنبه اذن حتى يرفضه ابوها.. ؟ ماذا يستطيع ان يفعل اكثر من ذلك ليكسب احترام الناس.. وعادت تبكى وتلقى بزجاجات العطر واى شئ يقابلها من ادوات التجميل على الأرض فى عصبية .. حتى جفت دموعها ولم تعد عيناها تحمل دموعا تبكيها .. وخرجت الى والدها وهى تقول له فى تحد
- ابى ... كان عليك ان تأخذ رأيى قبل اصدار حكمك
فنظر لها الأب فى دهشة وهو يقول
- وماذا كان رأيك.....؟
وبنفس التحدى قالت
- رأيى انى لن اتزوج احد غير يحيى
فقال ابوها فى هدوء مفتعل
- يا مريم.. انا ابوك وادرى بمصلحتك ومن حقى ان ارفض من لا اراه فى مصلحتك
وقالت وقد بدأت عينيها تملؤهما غشاء من الدموع
- من حقك يا ابى.... ومن حقى انا ايضا ان اختار ان لا اتزوج غير يحيى
ونفذ صبره وقد علا صوته قليلا وهو يقول
- ما هذا الاصرار يا بنت .. قلت لكى لن تتزوجى من ابن جابر
فقالت وهى تبكى
- اسمه يحيى يا والدى ، ، وجرت من امامه الى غرفتها والقت بنفسها على السرير مرة اخرى وهى تئن كالعصفور الجريح

نهاية الجزء الاول

Monday, October 20, 2008

لمــا كنا صغيرين .....



لما كنا صغيرين

كلاكيت تانى مره





اجيد الحوار مع نفسى .. اتشاجر.. اتصالح .. ابكى واضحك معها.. يأخذنى الحنين الى عمر البراءة.. عمر الابتسامة الصافية والأحلام التافهة والأمانى الساذجة .. اعود بذاكرتى للوراء( فلاش باك)تترأى امامى صورتنا انا وهى عندما كنا اطفالا وكأنه شريط سينما اشاهده.. كانت معى دائما ..نضحك..نمرح..نلعب سويا.. كانت غاية امانينا ان نشترى تويكس او سنكرس ونشاهد توم وحيرى ..وتفرح هى كثيرا عندما يُقدم لها هدية تكون اعدادا من التويكس او السنكرس.. تأتى لى فرحِـة وهى تحمل لى وحدات منها وهى تقول .. خُذ لك.. جائتنا بالأمس هدية منها كرتونة كاملة.. وتقول فى فرح.. انا سعيدة..سعيدة جدا.. عندى الأن علبة كاملة ..لن ابكى لأمى كل يوم حتى تشترى لى تويكس..عندى ما يكفى طوال الاسبوع.. نقضى يومنا معا لا نفارق بعض إلا عند النوم.. نجتمع فى الليل فى اعلى المنزل نشاهد سويا السماء المترامية الاطراف والقصر الكبير.. هذا القصر البعيد المُضئ دائما إضاءة صارخة وكأنه قطعة من لاس فيجاس سقطت امامنا.. اتسلل بيدى فوق يدها.. اقول.. احبك يا نور.. يا نـورهل تسمعينى ؟.. تجيب ..نعم وانا ايضا لكنى احب تويكس اكثر..لاتزعل.. احبك اكثر من سنكرس.. الفول السودانى اصبح كثير بداخلها وانا لا احبه..يالها من مجنونة..مجنونة لاتُقدر معنى كلامى..ولكنى سعيد بجنانها ببرائتها.. وتمر ايام ..اكرر لها فى همس ونحن نشاهد سويا توم وجيرى.. احبك يا نور..يا نور.. تضحك فى فرح وهى تقول.. انظر لقد سقط توم فى البحر واجتمع حوله السمك وتنفجر ضحكا كالمجانين.. انها صغيرة ..ساذجة.. جميلة ..هذا الجمال الذى لو وُزع على العالم لأصبحنا ملائكة تمشى على الأرض ..جمال الروح.. براءة الروح.. نقاء الروح .. وتمر السنون.. تكبر نور.. اسمع انها ستتزوج.. نور الصغيرة تتزوج غير معقول..ولكنها تتزوج ويأخذها هذا الزوج معه الى بلد بعيد يُكمل دراسته فيها..تختفى نور ولايبقى منها إلا زكريات ..زكريات .. اتذكرها عندما امُر وحدى فى طريق قد مشينا فيه معا.. اتذكرها عندما ادخل منزلها ولا اجد البهجة التى كانت داخله.. حتى القصر الذى كنا نراه مُضيئا دائما إضاءة صارخة وكأنه قطعة من لاس فيجاس سقطت امامنا.. انطفأت اضواءه وكانه حزين على نور.. لقد اصبح بعدها كل شئ اطلال.. المنزل.. الشارع.. القصر.. العالم كله اصبح اطلالا.. تمر سنون فوق السنون.. تعود نــور.. اسمع انها طُلقت وعادت بإبنة معها.. ادخل المنزل فى زيارة .. ارى طفلة جميلة لا تتعدى الثلاث سنوات تبتسم لى ابتسامة صافية.. ادعوها لتقترب.. ارى فى يدها واحدة تويكس تمد يدها لى بها وهى تقول..خُـذ لك .. المح من خلف الباب المُتوارب فى الغرفة المقابلة سيدة بدينة.. تنظر لى فى لهفة.. انها هى .. نور.. تتعلق العيون فى نظرات طويلة وكأنها تستعيد سنوات كثيرة مضت .. لكن ليست هذه نور التى اعرفها.. لقد ذهبت البراءة التى كانت تُغلف وجهها دائما وحلت مكانها هـم وحـزن دفين..اين ذهبت البراءة يا نور..؟ هل ذهبت مع العمر..مع السنوات الكثيرة.. اشعر بيد صغيرة تلامس يدى..انظر امامى.. انها يد طفلتها الصغيرة تداعبنى.. لقد عرفت الأن اين ذهبت البراءة

Thursday, October 16, 2008

آخر الكــــــــــــــلام ..





اهداء :: الى اى حد شايف نفسه فى الكلام ده


آخر الكلام . .





نفسى أخرج ..
من جوه نفسى وأصرخ
نفسى أشرخ ..
جدار الحزن اللى ياما عاش فيا
بقى حته منى ..
لكنى ..
معرفش ليه حاجة حايشانى
حاجة مسكانى ..
وخدانى ..
من نفسى ومنى
محوطانى
كسرانى
هزمانى
هو انا لسايا انا ..
ولا واحد تانى
نفسى أخرج ..
من جوه نفسى وأصرخ
نفسى ارفض ..
واشجب
واندد
نفسى اهدد
اى حد يعترضنى
او يحاول قتل حلمى
نفسى اغنى
ياه ..
من زمان مابقتش أغنى
مابقتش ادندن بأى حاجة
للدرجة دى مش محتاجة
إنى أغنى ..
ولا الكآبه ..
طغيانها آسر مالوش حدود
شبه سحابه ..
ماتعدى تمنع نور الشمس
ع الوجود
إمتى تعود يا زمن ..
زى ما كنت من زمن ..
كفاياك جحود ..
كفاياك جمود ..
كفاياك برود ..
وسيل دموع ..
يوجع ويلسع ..
ع الخدود
مابينتهى
تقولش حرب هيه
واليأس حشد م الجنود
آخر الكلام ..
يتقال إيه ..
لما الكلام يخلص ..
وكل يوم ينقص ..
عدد الحروف
ويتملى جوانا خوف ..
من شئ بعيد
ملامحه تايهة ع العيون
بقى شئ جنون ..
إنك تكون او لا تكون
مين اللى فينا عاقل..
ومن عايش فى دور مجنون
إختلط الحابل بالنابل
شئ هايل .. !!
لما الأكاذيب تتوه
وسط الحقايق
على فكرة مش مسطول انا
انا لسه فايق
هما مش حبة ثوانى
وشوية دقايق
قادرين يقلبوا الوضع للنقيض
واللى كان إنسان سعيد
تلقاه فى غمضة عين جريح
واللى محبوب من كل خلقه
بكلمة يصبح مكروه بغيض
مش ثابتة هى على وضع عارف
متغيرة ديما ..
متحيرة ديما ..
هو انتا مش شايف ..؟
اللى إتملت قصوره ..
كل نحيه فى البلد ..
فى كل المدن ..
ع الشاشة فى لحظة قدمنا إتعدم
وعندنا
يزيد عن ربع قرن ..
مستنيين
تغيير نظام وحيد عقيم
به محكومين
من غير ملل
ولا حد كل
ولا حد طالب بالتغيير وزن
ولا جه وقال
عايزين بقى نصرخ
نشرخ جدار الحزن


Sunday, October 12, 2008

كان جبل وإتهد









. . كان جبل وإتهد


إنحنى راس الولد

كان حقيقى إبن بلد

.. كان جدع

.. ما كان خرع

.. ولا عمره يوم

للبهتان خضع

كان جبل وإتهد

إنحنى راس الولد

.. عاش سنين زى الجمل

.. إحتمل

فوق طاقته طاقة كل البشر

لكن الجمل جاله يوم وبرك

.. مع إنه كان على وشك

.. يهد قلب الظلم

.. بإيد زى الحديد

.. ويستعيد

أمجاد وكانت من زمن

بس الزمن قلاب

. . وخاب

.. من ظن إنه حايفضل على حاله

للأبد

إنحنى راس الولد

الضرب جاله من كل إتجاه

وياعينى على الولد يا ولداه

. . لو صد نحيه

. . النحيه التانيه تلقاه

. . وكان فى صده واحد وحيد

.. كان صحيح

. . جدع ماكان خرع

وكان شجاع

. . بس وحيد

. . والحلم ضاع

قصاد العدد

إنحنى راس الولد

Thursday, October 2, 2008

زى البنــــــــــــــــــــات


زى البنات .....






اكتشفت ..
أنى مش زى البنات
عمرى ماكان عندى حكايات
ولا كان لى زكريات ..
فى حب عدى وجوه القلب مات
فى حلم مر فى خيالى وفات
اكتشفت ..
أنى مش زى البنات
عمرى ما إدلعت يوم
عمرى كله شايله فى هموم..
وإن قلبى الصغير عمره ماكان بيحلم
بأمير ياخدنى وياه ..
على حصانه الأبيض وهواه ..
ليه مايبقاش له حد
هو أنا ماكنتش بنت
زى أى بنت من البنات
بتحب الحياة ..
وبتعشق الحاجات ..

اكتشفت
أنى عمرى ما فرحت
مره واحده ياقلبى والله ..
مافرحت
وإن قلبى مظلوم معايا
ذنبه ايه فى الوحدة ديه
غير نصيبه يكون ليا
يكون فيا ..
اكتشفت
إن عمرى عشته سراب ..
إتمنيت على قدى جنة صغيره
مالقيتش قدامى غير عذاب
واللى راح م العمر مش راجع
حتى اللى جاى شكله ضايع
اكتشفت ..
إن السنين سكه سد
بينى وبين الدنيا حد ..
حد فاصل ..
وانا من كل قلبى نفسى اواصل ..
الحياة بجد
وابقى زى اى بنت
اكتشفت ..
بس بعد ايه اكتشفت

( تمت )