Thursday, May 29, 2008

زميل جهنم ( قصة قصيرة )ـ










{ زميل جهنم . . }


---------------
وقف العبد مدهوشا من المصير الأسود وما سيلحق به من عذاب وقد تجلت النيران أمامه متلعلعة ونشطة وهى فى حالة اندفاع نحوه حتى انه قد خُيل اليه أنها تتكلم وتدعوه قائــله ......
- إقترب يا عبد وإلا اقتربت أنا ، لا مفر منى فنحن قدرنا واحد وطريقنا واحد فأنا خُلقت لأمثالك وأنت خُلقت لى .. ولكن العبد أبى ان يستسلم لها وجرى ولا يعرف الى أين الخلاص منها ، فالمكان على الرغم من إتساعه الرهيب إلا أنه يشعر انه ضيق للغاية يكاد من ضيقه الا يتسعه هو وحده وما يزال يحاول الخلاص من أضواء النيران ولسعة حرها دون جدوى ، ولكن لا يوجد مفر ، فالنار أصبحت تساوره من كل الجهات وقد يأس من الخلاص منها 0 ورأى قطيعا من الناس يبكون ويصرخون فى حالة يرثى لها فمال بأحدهم سائلا...
- هل أنتم الكفار ؟
فقالو فى يأس ظاهر
- لا
ثم اقترب منهم اكثر يسائل عن سبب وجودهم
- وما ذنبكم الذى أتى بكم الى هنا ؟
قالو وما زالو يبكون حسرة على حياتهم فى الارض
- كنا نحب المال 0
فتعجب العبد قائلا
- وهل حب المال ذنبا لكى يلقى بكم هنا0
فقال أحدهم
- كنا نحبه حباً جماً ، لا بل كنا نعبدة عبادة . ونفعل أى شئ حتى لايفارقنا واستطرد قائلا
- اتعلم يا زميل جهنم أن حبنا للمال جعلنا نقترف خطايانا السبع
فعاد العبد يقول متسائلاً.
- وما هى تلك الخطايا السبع التى إقترفتموها لحب المال ، فأنا كنت مثلكم فى الدنيا أحب المال كثيراً
فقال الرجل
- سرقنا المال وكانت هذه اول خطيئة ولاحظنا أن نفرُ ما شاهدنا ونحن نسرقه فعزمنا على قتله وقتلناه بالفعل خشية أن يفضح أمرنا وكانت تلك ثانى خطيئة 0 وعندما وجهو لنا تهمة السرقة كذبنا وقلنا نحن لا نفعل مثل هذا الفعل الشنيع وأقسمنا بأغلظ الأقسام كذبا ولعلها كانت ثالث خطيئة 0ومن ثم أصبحنا بعدها من الأثرياء بهذا المال الحرام .. وإقتحمنا المشاريع التجارية ثم قمنا بحث بعض الموظفين على التزوير فى الأوراق الحكومية وأخذنا نقدم لهم الرشاوى والهدايا حتى يردخون لمطالبنا لتسهيل ما يجعلنا نشترى ونبيع من اراضى الدولة بثمن بخس لنكسب من خلال هذه الصفقات المشبوهه المال الكثير الذى نحبه ونتفانى فى حبه وكانت هذه الخطيئه الرابعة.. ثم لم يكن أن نتهاون أو نأخذ بأى إنسان رحمة يحاول فقط أن يخدش اموالنا او يقف حائلا بيننا وبين جمعها حتى نذوب عشقا بجوارها.. وهذه كانت الخطيئة الخامسة ، وكنا نقرض المال شريطة ان يأتى لنا بالمزيد ( الربا) وكثيراً ما كنا نقرض المال و نستغل حاجة المحتاجين وهى الخطيئة السادسة0وكنا كل ليلة نلعب الميسر لأنه يدر علينا بأموال طائلة ونراهن ونتاجر بالنساء الفقيرات نبيع اجسادهن للرجال ونسهل المتعة الحرام ونحرضهم على الفجور ليأتونا بكثير من المال الذى احببناه وقد كانت هذه سابع خطايانا،،أرأيت يا زميلنا الجديد ماذا فعل بنا حبنا للمال, , الأن عرفت لما كل هذا البكاء..وها هو ذهب المال الذى جمعناه فى حياتنا بدون رجعة ولم يبقى سوى اعمالنا وميزان الحسنات كان آخر أمل لنا 0 وكانت الكارثة انه لم يكن لنا اية حسنات تُذكر وأموالنا لم تنفعنا وبقيت خطايانا السبع00وصمت الرجل حزيناً ملوما محسوراً ووجهه لأسفل ثم عاد النظر الى العبد وعلامات اليأس على وجهه سائلا ..
- وما ذا جاء بك الى هنا أيها العبد اكنت مثلنا تعبد المال
فقال له بحسرة
- نعم كنت أعبد المال مثلكم لكنى كنت من الشرفاء لم اقترف خطاياكم السبع.
فعاد الرجل يسأله بدهشة
- اذن ما حل بك هنا فى هذا المكان.
فقال العــــبد في حزن
- كنت لا أجود بمالى ابداً بل كان كل المال الذى أجمعه من عملى اكنزه فى مكان لا يعرفه غيرى وكنت اشعر باللذه وأنا اخفيه عن عيون الناس واسعد به كثيرا وهو يزيد امامى يوما بعد يوم ولا أساعد فقيرا محتاجا قط ولم أكن ازكى عن هذا المال حتى لا يُخدش ويظل يزيد امامى وأظل انا سعيداً به ، ولك ان تعلم يا زميل أن أقرب اقربائى لم يسلمو من حرصى على المال كنت وانا عندى المال الوفير أضن به على زوجتى وأولادى لا أطعمهم الطعام الكافى ولا أشترى لهم الملبس الكافى وكانو يعيشون معى على الإعانات التى تأتيهم من الغير وانـا ما عندى ان يوفر لهم حياة كريمة وقد تركتهم وتركت المال الذى جمعته فى الحياة ولم استمتع به سوى رؤيته وهو يزيد امـامى ، وذهب المال وبقيت الأعمال وأستطيع أن اقول لك يا زميل انه لا يوجد أعمـــــال ايضا فكلانا فى آخر الأمــر اصبح مصيرنا واحد على الرغم من
طريقة كل واحد منا فى حــبه للمال ، فالنهاية واحدة اننا احببنا المال وظلمنا أنفسنا0

"تمت"

No comments: