Sunday, June 22, 2008

أشياء لا تباع



اشياء لا تباع


















رأيتها ولم ارها.. تحدثت معها ولم ارى شفاها تنطق بكلمة.. عرفتها ولم اعرف عنها شيئا.. ربما تكون هذه الكلمات لغزا غير مفهوم.. ربما وانا الذى كتبتها ايضا لا افهمها.. لكن الحقيقة الواحدة الواضحة وضوح القمر فى ليلة الرابع عشر، انها هى التى اخذتنى من صحراء الظلام وعبرت بى الى شاطئ الشمس.. الحقيقة الواحدة انها الحب الوحيد الذى اثبت للأيام صموده وقوته.. انها حبى الوحيد.. انها الطفله الصغيرة التى ملأت دنياى صراخا وعنادا وجنونا وسذاجة مضحكة.. انها المرأة العاقلة الرزينة التى احتوت كل ثوراتى وانفعالاتى ولم تغضب.. انها الصديقة التى عندما التفت اجدها معى.. دائما معى.. انها الحضن الدافئ.. انها فيض الحنان الهارب من عصر المصالح الذاتية والمشاعر الزائفة والحب المؤقت والأقنعة البلاستيكية.. وقد قلت ذات مرة فى احد مواضيعى القديمة ، اننا قد نقابل شخصا ما لا نعرفه فى مكان ما.. ويصبح فيما بعد هو كل الحياة.. هو نبض القلوب وضؤ العيون.. وابتسامة الراحة من عناء يوم ثقيل.. وكانت هى كذلك.. وقد عبر يوما الرسام الهولندى فان جوخ فى احدى لوحاته،عن هذه الفكرة فى لوحة، اطلق عليها .." لوحة الحب" ، رسم فيها مصباحين متشابهين، الأول مُنطفئ ومنزو فى ركن من اللوحة وكأنه منبوذ، والمصباح الآخر مشتعل وضوءه يملأ باقى اللوحة ، وعندما سئل.. اين الحب الذى اطلقت عليه اسم لوحتك.. فقال فى هذا المصباح المشتعل، وقد كان مُطفأ هو الآخر.. لكن امتدت اليه يد حانية وأشعلته، فإقترب منه الناس كى يستضيئوا بضوئه بعد ان كان مهملا، لا يهتم به احد ،او يشعر بوجوده احد مثله مثل المصباح المنزوى.. ذاك المصباح المنبوذ.. وهكذا القلب فهو لا ينبض بالحياة إلا اذا عرف الحب من قلب يحنو عليه..قلب يحبه دون مصلحة او غرض من هذا الحب.. يحبه لأنه يحبه فقط..فتلك هى السعادة الحقيقية..تلك هى بهجة الحياة.. تلك هى النظرية التى اكتشفتها مؤخرا.. فحقيقةالسعادة وبهجة الحياة.. لا فى الثراء ولا النفوذ ولا السلطة ولا الشهرة ولا الجاه.. انها فى الحب.. وليس فى حب الرجل للمرأة فحسب، كما يخيل للبعض من مغذى هذا الكلمة.. انه حب الله ، بالتأكيد فوق كل حب.. حب الأشياء.. حب الشارع الذى تنتمى اليه.. حب العمل.. حب الرضا، ولا تندهشوا من الجملة الأخيرة..ان الرضا ، ان تكون على قناعة مما وهبك الله.. وان تحب هذا الرضا.. ستكون اكثر قناعة .. وعندما تكون اكثر قناعة.. ستكون اكثر سعادة .. وعندما تكون اكثر سعادة..ستنطلق ضحكات قلبك.. وكم هى غالية جدا.. هذه الضحكات التى تنبعث من اعماق القلب.. انها لا تقدر بثمن.. وكان الثرى اليونانى..
" اوناسيس" ، وهو واحد من اشهر اثرياء العالم فى التاريخ الحديث وتكمن شهرة ثرائه..انه بدأ حياته عاملا فى الميناء او على الأدق حاملا للحقائب والبضائع التى تحملها السفن الى المرسى.. واستطاع ان يبنى نفسه بنفسه بالعرق والجهد والإصرار، وقد كان.. لقد اصبح واحدا من اثرياء العالم الذين يشار اليهم بالبنان.. وكان يمر يوما بسيارته فى احد الشوارع المتواضعة.. ووجد شحاذا يجلس على الأرض ويغنى بكلمات مضحكة..ثم تنطلق ضحكاته مرتفعة وكأنها تهم ان تصل الى السماء..واوقف الثرى سيارته امام هذا الشحاذ وقال للسائق.. كم اتمنى ان ارجع فقيرا مثل هذا الرجل، ولماذا..؟ ثرى خطير كأوناسيس يملك الدنيا فى راحتيه يقول مثل هذه الجملة.. اتعلمون لماذا..؟ لأنه وبكل ثرائه لم يستطع ان يشترى السعادة.. وقد كتبت فى موضوع قديم ، قلت يومها.. ان العمر لا يقاس بعدد السنوات.. ابداً بل بلحظة حب صافية خالصة من اى غرض ، وقد تذوقنا فيها قطرات من السعادة.. إن هذا الحب الصافى الخالص وهذه القطرات من السعادة،اشــــــــــياء لاتباع ولا تُشترى.. ولا تجدها فى الأسواق..ولا تستطيع اموال الدنيا ان تجدها.. والى الأن انا اعتنق هذا المبدأ.. والأن كم لحظة حب مررت بها ايها القارئ.. كم لحظة سعادة تذوقت طعمها.. إن تلك اللحظات هى كل عمرك .. كل دمائك.. كل نبضات قلبك.. وكما تقول الحكمة الهندية القديمة..( ليس للحب حدود او زمان، فالحب اقوى من الحدود واقدم من كل العصور). وعندما كانت الزوجة مارجريت ميتشيل طريحة الفراش لسنوات لا تقوى فيها على الحركة ، لم تجد بجانبها سوى الحبيب الزوج.. كان هو الذى يتولى شئون المنزل.. بل وايضا كان يلهيها عن مرضها ويأتى لها بالكتب من مكتبة البلدة.. لتنشغل بالقراءة وتنسى ما بها ..حتى اتت على كل الكتب.. فأتى لها بأوراق فارغة وقلم.. وقال لها اكتبى.. حاولى ان تكتبى اى شئ.. اكتبى قصة.. رواية ، ولم تكن مقتنعة بفكرة الكتابة.. وحاولت كثيرا، واخيرا كتبت.. كتبت فصل واحد من رواية..لكنها كتبت الفصل الأخير.. وعرضت على زوجها فأثنى ، واعطاها دفعة اكثر للكتابة..واكملت الكتابة، وانهت الفصل قبل الأخير .. ثم قبل ما قبل الأخير وهكذا حتى اتمت الرواية، وانتهت من كتابة الفصل الأول.. لقد انهت الرواية بطريقة عكسية.. انهتها بفضل زوجها.. بفضل حب زوجها.. ولتصبح هذه الرواية فيما بعد.. الرواية الأكثر مبيعا فى امريكا واوربا انذاك ، وطبعت منها نسخ جديدة لتصل حجم مبيعاتها الى اثنتا عشر مليون نسخة..لتضرب الرقم القياسى حتى الأن فى نجاح رواية تصل نسبة توزيعها الى هذا الحد..ومن ثم تتحول الى فيلم سينمائى ، ليصبح واحدا من علامات السينما فى العالم..انها رواية وفيلم " ذهب مع الريح" ، وبفضل الحب نصنع المعجزات.. إن مارجريت نفسها لم تكن تتوقع بعد الحادث الذى الم بها..انها ستفعل شيئا له فائدة.. ولكنه الحب

المرأة لغز، مفتاحه كلمة واحدة ..الحب
نيتشه
الحب للمرأة كالرحيق للزهرة..
تشارلز ثوب

No comments: