Thursday, April 3, 2008

الراوى فى السينما ( كلام فى السينما )ــ


***************************
إن السينما تحل محل إبصارنا عن طريق عالم يطابق رغباتنا
الناقد الكبير : اندريه بازان
قال الراوى يا سادة يا كرام /
فى عصور ما قبل التاريخ كان الإنسان يتـعرف على شكل الحياة من خلال حياته وحياة الرجال القلائل الذين يعيشون جواره والتى عادة لا تختلف عن حياته كثيرا بشكلها ومضمونها ، وبالتدريج عرف الإنسان السفر واكتشف .. اكتشف ان هناك اناس غير الذى يعرفهم وحياة اخرى غير التى يألفها ـ حياة تختلف عن حياته ، وبدأ التعارف ، وبدأ كل منهم يروى للآخر عن حياته .. عن شكلها .. عن عادته وتقاليده .. عن مهنته الرئيسية .. عن تاريخه ، ومن هنا بدأت رغبة مُلحة فى مشاركة الآخرون هذه الحياة الجديدة ، فمنهم من يراها افضل ، ومنهم من يراها تجربة مثيرة او مغامرة من المدهش ان يخوضها ، ومنهم ايضا من يكتفى بالإستماع اليها كمن يسمع حكايات الأساطير الإغريقية والرومانية ويفلسفها ويستخرج منها مبرارات نجاحها او اسباب فشلها اذا ماقارنها بحياته ، وبمرور السنوات بدأت تظهر مهنة شعبية تعتمد فى الأساس على إشباع حب الفضول للغير لمعرفة الغير ويقوم بها شخص يدعى (الراوى) وهو يجوب البلاد طولها وعرضها يجمع اقاصيص وحكايات ابطالها وفلكلورها ثم يصوغها بإسلوب روائى غنائى بسيط على آلة موسيقية متواضعة وكان يبدأ الغناء بالجملة الشهيرة ( قال الراوى ياسادة ياكرام..) ويبدأ فى سرد ما شاهده او ما سمعه عن هذه المدائن ولتتوارث ابناء واحفاد هذا الرجل هذه المهنة حتى يصبح لقب العائلة واسم الشهرة لها هو عائلة الراوى لإحتراف افرادها جيلا بعد جيل تلك المهنة ، واستعذب الناس لغة الراوى وحكاياته عن تاريخ وبطولات وكفاح المدن والقرى ، وبالتدريج بدأ يختفى الراوى ببزوغ فن المسرح بالإضافة الى ظهور الإذاعة والسينما ومن ثم التلفاز حتى انقرضت المهنة تماما ـ فالدراما والحكايات يشاهدونها فى المسرح او من خلال المسلسلات القصيرة التى تقدمها الاذاعة ، والعوالم الأخرى مضافا اليها المؤثرات والإبهار البصرى اصبحت السينما تقدمها ومن بعدها السطوة الدرامية لمسلسلات التلفزيون ، فلماذا الراوى ..؟ .. ولماذا الراوى فى لغة السينما تحديدا والتى تعتمد على الصورة فى الأساس ـ فالكاميرا فى هذه اللغة سيد الموقف والبديل لعين المشاهد لتسافر معه بين حدود الزمان والمكان وهذه اللغة ايضا تعتمد على عين الممثل نفسه حيث الوسيلة الأعمق والأقرب لتوصيل الحالة النفسية بكل مكنوناتها اكثر من سرد حوار طويل على الشاشة يصيب المتلقى بالمملل ، ولعل هذا هو الفارق الرئيسى بين لغة المسرح ولغة السينما ، وعلى ذلك فالسؤال يطرح نفسه للمرة الثانية ـ لماذا الراوى فى السينما ..؟ ـ والاجابة هنا ستقف على ثلاث محاور قد تفسر لنا ضرورة وجود الراوى فى لغة السينما والتى تعتمد فى المقام الأول على الصورة .
(1) ـ وجود تعبيرات نفسية تختلج فى نفوس شخصيات الفيلم وقد لاتظهر كما يجب فى الحوار بين الأبطال وقد لاتكفيها الصورة بجانب المؤثرات الصوتية الى الدرجة التى تبقى منها ثغرة عالقة تريد ان تطفو على السطح حتى يصل المشهد لحالة من الاستيفاء وتوصيل المغذى الرئيسى من المشهد من مشاعر كالخوف والقلق والترقب ، ومن هنا يلجأ المخرج لشخصية الراوى والذى فى الغالب ما يكون البطل الرئيسى للعمل او احد الأبطال المشاركين والمؤثرين فى احداث الفيلم كما كان راى ليوتا والذى تقمص دور الراوى فى فيلم رفاق طيبون وروبرت دينيرو فى سائق التاكسى .
(2) ـ وجود شخصية الراوى هو سبب مادى لااكثر بمعنى أن يكون ترشيد استهلاك للفيلم الخام فى مشهد قد يكون مشهد فلاش باك او مشهد لاحق او مشهد جارى يحتاج للتوضيح والاستمرار للنهاية زمن اكثر من المطلوب تصويره والذى بالقطع سيؤثر بالسلب على الفيلم الخام وايضا ربما يحتاج لديكورات اضافية وتكلفة انتاجية لتصويره فى حين انه ممكن اختزاله عن طريق الراوى الذى يقوم بشرح الحدث ببضعة كلمات ليتم النقل مباشرة الى للمشهد التالى دون هذا التطويل وهذه التكلفة والتى تصل الى آلاف وربما لمئات الآلاف من الدولارات اذا تم تصويره كاملا .
(3) ـ وجود شخصية الراوى كنوع من التعليق على الأحداث كما فى فيلم مليون دولار بيبى وتعليق مورجان فريمان كراوى الفيلم ، او إبداء وجهة نظر المخرج فى حقيقة معينة او فى شخصية ما قد تكون ظاهرها شئ وباطنها شئ آخر قد لاتظهر للمشاهد مبرراتها إلا فى نهاية الفيلم ، او يكون للراوى دور توضيحى لوصف مشهد ما يصيب المشاهد بنوع من الالتباس والغموض والتشتت كمشهد انفجار السيارة فى فيلم كازينو وبداخلها دينيرو ثم نفاجأ به بعد المشهد سليما معافيى ـ فكان لابد من وجدود تفسير لهذا المشهد والذى جاء بالفعل على لسان دينيرو نفسه متقمصا دور الراوى بوصف المشهد والسيارة التى تمتلك نوع الكماليات متمثلة فى وسادة هوائية او ما اشبه ذلك كانت سببا فى انقاذه من موت محقق .
وتاريخيا هناك من يقول ان اسلوب الراوى من مبتكرات ستانلى كوبريك والبعض يقول انه سيسل ديميل وهناك رأى آخر ان وجوده كان مع تجارب افلام روائية قصيرة روسية، وعلى كل حال فهذا الاسلوب برغم مالاقى من نقد ومعارضة حيث انه يلغى شيئا من فكرة الصورة التى هى الأساس إلا انه لاقى ترحيب وتأييد من فئة اخرى ، وهناك مخرجين يفضلونه فى افلامهم على رأسهم المخرج سكورسيزى ، وحتى السينما العربية تناقلاته فى اشهرافلامها ومع اهم نجماتها فاتن حمامة والتى كان معروف عنها استخدام هذا الاسلوب فى انجح افلامها كــ دعاء الكراوان ، وبين الأطلال ، ولا انام ، ونهر الحب ، والمعجزة ، ولا تطفئ الشمس 0
ومن هنا نطلق موضعنا للحوار والنقاش .. مذا ترى عن دور الراوى فى السينما .. هل تراه ذو فائدة واضافة جيدة لتكنيك السينما ام انه مقحم على لغة السينما ويصيب المشاهد بالملل ام ان لك رأى آخر ـــ وننتظر

-----------------------------------------

لقراءة المقال من على موقع سينماك

//الرابط

http://www.cinemac.net/forum/showthread.php?p=5162776#post5162776
With my all love . .
AHMED NASSAR

No comments: