Monday, April 14, 2008

ابتسامة فوق شفاه ساخنــة ( قصة )ـ











آمنت به ايمان مطلق .. الى الحد الذى جعل منه كل طموحها ، تحلم له ..تفكر له ..تعيش كل وقتها له ، حتى جسدها جعلته ملك خالص له ـ ولم يكن زوجها ، كان كل مابينهم جيرة ووعد بالخطبة ووعد بالزواج وقصة حب بدأت منذ ان كانت طفلة ، وكانت هذه الجيرة وهذه الوعود وقصة الحب تكفى عندها لتحل محل دفتر المأذون وعقد الزواج والشهود ، تكفى لتمنحه جسدها ليكون ملك خالص له ـ وآمنت به هذا الايمان المطلق ، واعتنقت مبادئة وافكاره الثورية واحيانا المضادة لنواميس المجتمع واصبحت اقواله فى حكم المأثورات بالنسبة لها .. وقال لها يوما وهم يسيروا معا ـ ( فى عهد المصالح الذاتية والرشاوى يا ندى ، لابد ان نبحث عن انفسنا فقط ، ان هذا الوطن الذى يُعلن كراهيته لأمريكا ويفرض علينا هذه الكراهية هو نفسه الذى يتعامل معها ويقبل معوناتها السنوية ويرضى لحاكمه ان يلتقط الصور التذكارية وهو يبتسم ابتسامة سلام مع الحاكم الأمريكى .. اليست هذه خيانة عظمى تستحق الإعدام ، فلا وطن ولامواطنة على هذه الأرض ) وتصدقه ندى وتعلن معه كراهيتها للوطن ـ ويوم آخر وكانوا جالسين فوق سطح المنزل قال ـ ( لاعزاء يا ندى للمثقفين واصحاب الفكر فى هذا البلد ، يكفى ان اكون لاعب كرة او مطرب تافه اردد كلمتين هايفيين فى الحب ، وسأجد بعدها من يعلق صور لى فى غرفة نومه ويقف بجوارى فى الازمات صائحا كلنا بنحبك ، ولا ينقص إلا ان يسجد لى .. انها بلد الجهل والجهله ) وتصدقه ندى وتعلن تمردها على سماع الأغانى وتبدأ تقرأ ، ويوم آخر قال فى لغه الثوار ( ان التعليم ان تتعلمى ما تريده ويوافق اسلوب تفكيرك بأى طريقة حتى وان كانت بعيدة عن النطاق الجامعى .. ثم ان الجامعة لا تزفر بالمثقفين والأدهى ما يحدث بها الأن من شراء رسائل الماجستير والدكتوراة لمن فى قدرته ان يدفع .. واحيانا كثيرة يكون فيها المتلقى اكثر عبقرية من ملقنه .. انظرى لشكسبير والعقاد واديسون وجاليليو ..هل علمهم احد ..؟ ان كمثل هؤلاء لاينتظرون من الجامعات ان تمنحهم شهادة فى العبقرية ..ابدا ، انهم ولِدوا بها ) وتصدقه ندى وتهمل فى حضور المحاضرات ـ انها مؤمنه به ايمان شديد.. مؤمنه بكل ما يقوله ويفعله ، وقد عاشت عمرها فى حضن هذا الايمان .. تراه كنصف إله .. تراه شئ ضخم مثقف ثقافة واسعة فى شتى المجالات ، تراه وسيم ورياضى وشهم ..كانت ترى الدنيا كلها فى الحى الذى تعيشه ولأن خالد افضل ما فى الحى ، فهو افضل مافى الدنيا .. لا ..بل هو كل الدنيا ، اصبحت ترى الدنيا بعيونه ، وتسمعها من خلال كلامه ، تحبها كلما احبها خالد ، وتكرها كلما كرهها خالد ، حتى ان حالته النفسية تنعكس تلقائيا على نفسها .. اليوم خالد مكتئب ، فتصبح مكتئبة بلا مبرر سوى ان خالد اليوم مكتئب .. واليوم خالد سعيد ، فتصبح سعيدة بلا مبرر سوى ان خالد اليوم سعيد ، هكذا عاشت بأفكاره ومعتقداته وحالاته النفسية وامزجته ، وعاش هو معها فى عقلها وتحت جلدها، وتحت وسادتها ، وفى الجامعه ، وفى البيت ، انها ملكه ملكية خالصة .. وهى مقتنعة تماما انها ملكه ـ وهى الأن تتذكر كثيرا هذا اليوم .. اليوم الذى اعطته فيه جسدها لأول مرة .. اعطته وهى مقتنعة وقتها انها ملكه، وان من حقه ان ينتفع بملكيته ، ان يأخذ هذا الجسد.. يأخذه كله ـ كانت فى التاسعة عشر ، طالبة فى السنة الأولى بكلية العلوم ، كانت يومها واقفة فى شرفة منزلها تقرأ كتاب ، وكان نافدة غرفته بجوار شرفة منزلها ، ودعاها تأتى تشاهد معه شريط الخطبة التى القاها فى الحفل الذى اقامه اتحاد الطلبة يحفز بها طلاب الجامعة على اقتحام النشاط السياسى والذهاب لصناديق الإقتراع فى الإنتخابات الرئاسية ، وكان القاء الخطبة تكليف من رئيس الجامعة شخصيا له لما يعرفه عنه من لغته الخطابية الثورية والتى كان يقلد فيها دائما طريقة الزعماء فى القاء الخطب وايضا لنشاطه الملحوظ وبزوغ اسمه بين اتحاد الطلبة ، وكان الحفل مصورا بكاميرا الفيديو ، ولم يكن احد معه فى البيت ، كانت العائلة كلها مسافرة لحضور زفاف احد الاقارب فى مدينة اخرى ، وجاءت متشوقة لترى حبيبها كيف يلقى خطبة بين الطلبة ، وقالت لأمها انها ذاهبة لصديقتها تأخذ كشكول محاضرات مادة لم تستطع كتابتها كاملة بسبب سرعة القاء استاذ المادة اثناء المحاضرة ، وصدقتها الأم ، وخرجت من البيت ، ووقفت فى منتصف الشارع وهى تنظر لنافدة وشرفة بيتها تطمئن انه لايوجد احد ينظر عليها ولا يجدها خرجت من البيت ، ولم تجد احد ، وبسرعة عادت للبيت مرة اخرى وصعدت الى شقة خالد ، واستقبلها بقبلة على خدها بعدما اغلق باب الشقة ، وكان من عادته ان يسلم عليها بقبلة على خدها ولايكتفى بسلام اليد كلما كانا وحدهم ، وجلسا الأثنين امام التلفاز وهى تشاهده مبهورة وهو يخطب بحماس ويصفق له جموع الطلبة ، وكان ينظر لها اكثر ما كان ينظر لنفسه على شاشة التلفاز ، وقال فى بساطته المعهودة معها ويده فوق يدها
ـ كل الناس يا ندى محتاجة الأن لمن يثير فيهم روح التغيير .. تغيير الأفكار القديمة .. الأفكار البالية التى عاشوا فيها قرون ، وغرقوا فيها ويريدوا اغراق الأجيال القادمة فيها ، هذا ظلم .
وقالت وهى تحت تأثير انبهار اداءه وهو يلقى الخطبة على الطلبه وكأنه روبسبير يلقى خطاب عظيم ..
ـ فعلا ، كلامك صحيح .. الناس يجب ان تتغير
وقال باسلوب خطابى ..
ـ كل شئ محتاج تغيير شامل فى السياسة والفن والرياضة والأخلاق والعلاقات الإجتماعية حتى الأعراف التى لايريد احد التنازل عنها آن لها للتغيير .. انظرى لأوربا ياندى كيف اصبحت بسبب التغيير .
وقالت وهى تنظر له كتلميذة مبهورة بأستاذها
ـ اعتقد ان الناس لديها رغبة حقيقية فى التغيير ..وهذا الجيل بالفعل متغير تماما عن الجيل الماضى
وقال وهو يقترب منها اكثر حتى كاد يلتصق بها
ـ هذا التغيير الذى تعنيه يسير بسرعة السلحفاة يا ندى .. مثلا نحن نضع الحب فى قالب غريب وشكل معين فى طريقة الزواج ، انه لايتم ولا يعترف به المجتمع هنا إلا بفضيحة .. لابد ان يأتى بشاهدين يشهدوا ان هناك اثنين احبوا بعض ، ثم بعد ذلك يأتى دور المأذون ويأمر الحبيبين بالجملة الشهيرة ( زوجتك نفسى على الصداق المسمى بيننا وعلى مذهب الإمام ابا حنيفة النعمان) ويرد الزوج (وانا قبلت زواجك) ثم يأتى بعد ذلك الزفاف ودور الناس وهم يصفقون كالمجانين ويحملقون فى الحبيبين وكأنهم كائنات غريبة وضعوها فى قفص فى حديقة الحيوانات وقد جاء الناس لتشاهدهم وتحملق فيهم ثم تصفق تماما كالمجانين .. انها فضيحة بكل المقاييس .. ثم ان الحب كالسر لابد ان لايخرج عن اثنين .. وإلا لن يصبح سر ولن يصبح حب .. يصبح فضيحة .. جمال الحب يا ندى ان يبقى بين الأثنين لايخرج عنهما ، انه سرهما وحدهم ، لا حق لثالث ان يدخل بينهم ويعرفه .
وندى تسمع كلامه فى صمت ، انها لاتعرف ماذا تقول ، ولاتستطيع ان تجاريه فى حديثه ، وهى طوال عمرها تحس ان شخصيتها تضيع امامه .. تحس ان ليس لها شخصية وهى معه ، انه يستحوذ عليها تماما .. على شخصيتها وعقلها ..
على تفكيرها وعواطفها ..بل وصل الإستحواذ به ان يتحكم فى خط سيرها ..لقد اخذ نسخة من جدول محاضراتها حتى يعرف متى تعود للبيت ومتى تكون فى المحاضرات ومتى تكون فى كافتيريا الكلية تنتظر بدء محاضرة جديدة .
وفجأة تكلمت وكأنها وجدت ما تقوله ..
ـ كل الناس يا خالد من مئات السنين على هذا الحال ، وهذه الطقوس صعب تغييرها، بل مستحيل ..ثم اوروبا نفسها تستخدم طقوس زواج شبيهة بطقوسنا .
وقال وهو يضع يده على كتفيها فى حنان
ـ انا معك ان اوروبا تستخدم نفس الطقوس تقريبا ولكن ليس قاعدة عندها وليس حتميا وليس محظورا ما غير ذلك كما عندنا هنا .. انا متأكد ان رياح التغيير قوية وهى قادمة لاشك ..قادمة لتقتلع كل الجذور القديمة المتأصلة من مئات السنين فى نفوس الناس ، والأرض الأن صالحة لبذور جديدة .. بذور التغيير ، فقط انظرى للأجيال الجديدة ، بدأ تفكيرهم يأخذ تفكير الشكل الاروبى والعقلية الأوربية .. العقلية التى لا تكترث بطقوس أكل عليها الدهر وشرب .
ثم ساد صمت بينهم ، التفت بعدها خالد ينظر لها فى حب ، ثم قبل يدها وخدها ـ وحاولت ان تقول شئ .. اى شئ .. لكنها سكتت ، انها لا تعرف ماذا تقول ، ثم حول شفتيه الى شفتيها وطاف حولهما فى قبلات قصيرة ، وانقض عليهم فى قبلة طويلة وهو يضغط بيده على كتفيها ، ثم زحف بيده الى نهديها وضغط عليهما بقسوة حتى صرخت من فرط القسوة ـ ماهذا يا خالد ، وهمس .. انه الحب ياندى .. انه السر الذى لا يخرج عن اثنين ، وتمادى فى الضغط على نهديها ، ثم قبلهما ، وهى مستسلمة .. انها لاتعرف ماذا تقول ، واحست ان درجة حراراتها ارتفعت كثيرا ، احست ان كل ما فيها ساخن كالنار ..وجهها .. شفتيها .. انفها ..يديها ..ساقيها ..جسدها ..كلها .. كلها اصبحت قطعة من النار ، وبحركة لا ارادية خلع عنها الفستان وبدت امامه بقميص النوم ثم قبل نهديها مرة اخرى الذى بزغ امامه كقبة مرمر من خلف قميص نومها وهى مستسلمة .. انها لاتعرف ماذا تقول ، وبحركة اسرع نزع عنها الحذاء والجورب واطال فى تقبيل ساقيها وهى مستسلمة .. انها لاتعرف ماذا تقول .. ثم رفع عنها قميص النوم ..وتعرت طالبة كلية العلوم .. وهى مستسلمة .. انها لاتعرف ماذا تقول ــ وفجأة بكت .. انها لم تعد عذراء ، لم تعد فتاة شريفة ومقياس شرف الفتاة عند المجتمع هو العذرية .. وهى لم تعد عذراء ، واحتصنها خالد فى حب وهو يقول
ـ اطمئنى يا ندى ، انتى زوجتى بينى وبينك وبين الله ، حتى يصبح حبنا حب عميق ..حب قوى ..حتى لايصبح حب اعتيادى .. حتى يصبح السر الذى لا يخرج عن اثنين ، انتى زوجتى ، ويكفى ان اعترفت لكِ بهذا .
وقالت من بين بكائها
ـ لا يكفى اعترافك لى انا ، الأهم اعترافك للناس .. اعتراف بأنك زوجى .. يعنى شهود ومأذون وناس ..اننا لازلنا بين الناس يا خالد
وقال كأنه يصرخ
ـ ماذا كنا نقول منذ نصف ساعة فقط يا ندى .. ان الحب كالسر لا يجب ان يخرج عن اثنين حتى لايصبح فضيحة
وسكتت .. انها لاتعرف ماذا تقول ، وقال وهو يربت على كتفيها فى حنان
ـ اترضى يا ندى لحبنا ان يكون مفضوحا
وقالت وهى تنظر له تحاول ان تكتشفه من جديد
ـ لكن ما حدث هو فضيحة لى انا
وقام يرتدى ملابسه وهو يقول
ـ لن تكون هناك فضيحة مدام سنتزوج
وقالت مستسلمة
ـ متى ..؟
وبلا اكتراث قال
ـ بعد التخرج طبعا .. ( وكان كاذب )
ومنذ هذا اليوم اعتادت على ان تعطيه جسدها كلما طلب ـ تعطيه وهى مقتنعة تماما انها ملكه ، وله كل الحق ان ينتفع بملكيته وقتما شاء ، وعلمها ان تأخذ قبل كل لقاء حبوب منع الحمل حتى يصبح حبهما كالسر الذى لا يخرج عن اثنين ، حتى لا يصبح حبا اعتياديا ، وهى مستسلمة .. انها لاتعرف ماذا تقول ، وتخرج من كلية العلوم السياسية ، ولم يتقدم ، وعمل ملحق تجارى ولم يتقدم ، وطالبته ان يفئ بوعده ، فقال فى كسل وهو يقُبل وجهها وعنقها ..
ـ قريبا .. انتظرى فقط حتى تستقر الأمور فى العمل ..لاتنسى اننى فى بادئ الطريق ويستلزم ان اجمع نفقات الزواج.. امهلينى عام .. فقط عام .. واطمئنى . وتطمئن ندى وتسكت ، وقبل انتهاء العام عرفت ان عمله يتطلب ان يسافر الى هولندا ..وسافر وهو يطمئنها انه سيعود فى اول اجازة ويتقدم لها .. ومكث ثلاث سنوات فى هولندا ، وعاد بعدها ولم يتقدم .. ثم سافر مرة اخرى ولكن للنمسا ، وقال لها انه سيعود لشراء شقة فاخرة تكون عش الزوجية وسيارة ، وحتى يحدث هذا ، يجب ان نتحمل هذا السفر ، ويربت على كتفيها وهو يقول فى حنان .. فات الكثير ولم يبقى سوى القليل .. ندى اطمئنى .. وتطمئن ، وسافر للنمسا ، ولم يعد ، ان له اكثر من عشر سنوات هناك ، وعلمت انه قدم استقالته من وزارة الخارجية وتزوج من سيده ثرية تكبره فى السن وتفرغ لإدارة اعمالها ، وهى .. ندى .. انها الأن فى السابعة والثلاثين ، ولم تتزوج ، تخرجت من كلية العلوم بتفوق وحصلت على الماجستر ثم الدكتوراة فى الكيمياء ، وهى الأن استاذة مادة الكيمياء فى كلية العلوم ، ولم تتزوج ، ولا احد يعرف السبب ، انها تقول انها تفرغت للعلم والأبحاث والتدريس ، وتضحك مع امها عندما تلح عليها فى الزواج وتقول
ـ يا ماما انا تزوجت الكيمياء
وتنظر لها الأم فى اشفاق ثم تتنهد وتسكت ، وحدث يوما وهى تغادر قاعة المحاضرات بكلية العلوم ان رأت تجمع اشبه بمظاهرة فى فناء الجامعة .. وسألت احدى الطالبات .. فقالت انها مظاهرة سلمية ينظمها اتحاد الطلبة ضد الهجوم الأمريكى على العراق وامين اتحاد الطلبة يخطب فيهم ، واقتربت من التجمع ..اقتربت كثيرا حتى اصبحت بينهم ، ولم تكن من هواة مشاهدة اجتماعات اتحاد الطلبة ، او لها اى نشاط آخر فى الجامعة سوى التدريس ، ولكنها احست انها تريد ان ترى كيف يخطب فيهم امين اتحاد الطلبة ، ورأته يخطب بحماس ويصفق له جموع الطلبة ، ولا تعرف لماذا احست وقتها ان درجة حراراتها ارتفعت كثيرا ، احست ان كل ما فيها ساخن كالنار ..وجهها .. شفتيها .. انفها ..يديها ..ساقيها ..جسدها ..كلها .. كلها اصبحت قطعة من النار ، ولاحظت من بين الجموع ان واحدة من الفتيات لا ترفع عينيها عن امين اتحاد الطلبة ، وتنظر له مبهورة بما يقول .. وابتسمت ابتسامة عريضة عندما رأت هذه الفتاة وهى مبهورة بحماس امين اتحاد الطلبة وهو يلقى الخطبة وكأنها تطمئن بهذه الإبتسامة على نفسها ـ انها تعرف جيدا هذا النوع من الفتيات .

" تمت "

No comments: