Wednesday, April 23, 2008

شئ من الواقع ( يوميات )ـ








ثمة احداث تمر علينا.. نتوقف عندها كثيرا..
نتأمل فيها كثيرا ..نُفكرفيها كثيرا ، ونرى تصاريف الاقدار فيها تارة منصفة وتارة مجحفة
وهذا العالم به كم مذهل من التناقضات يستحق هذا التأمل وربما هذا الموضوع
.. والفرق في هذه الاحاكى القصيرة .. انها ليست مؤلفه .. انها من الواقع .. من الحياة
( الحلقة الأولى ) ..
من ذا الذى يستطيع ان ينسى هذا اليوم.. هذا اليوم
الذى اجتزنا فيه اول كورس للدراسات الحره فى تعليم فنون الموسيقى
وقد اخترت منذ اول دخولى له الة البيانو.. كم يسحرنى صوته
ورشاقة كبار العازفين عليه..وهم يتنقلون بين الاصابع السوداء
والبيضاء..وهناك عزفت لأول مرة مقطوعة كامله..كانت بعنوان
The godfather..وهى ايضا موسيقى لأحد الافلام الخالده.. وفى فناء الكليه
تتعالى اصوات الألات ..جيتار وعود وكمان واكورديون.. لتندمج مع زقرقة العصافير وصوت الأشجار .. وسمائنا صافية.. واحاديثنا الحلوه .. هى مثار الأشواق فى قلوبنا الغضة ..وثمة اصوات بشرية تتغنى بتراث الغناء العربى.. ومنهم من يغنى بأسلوب مبتكر قد يدعو للضحك.. نجتمع .. نذوب.. احلامنا تعانق السماء. وطموحات ليس لها مدى .. فهذا يؤلف الكلمات ..وهذا يلحنها ..وذاك يؤديها بصوته .. ثم تقتحمنا فتاة ..لتعلن لنا عن مقدرتها فى العزف على العود .. وتنضم الينا ..ويضمنا هذا الفناء الواسع ، لنملئه ضجيج.. ولكنه ضجيج جميل متناغم ومتناسق.. فدراستنا مختلفة ، وربما حياتنا مختلفة ..لكن حبنا للموسيقى جمعنا فى هذا الفناء ..ليستعرض كلا منا ما عنده.. وكأنه معرض للفنون.. وفى خضم احاديثنا العشوائية..قررنا ان نكون فرقة .. من بيننا.. وكل فى المجال الذى يبرز فيه اكثر .. فذاك عازف ماهر على العود.. وهذا بيانيست رائع ..وذاك صوته عذب يصلح للغناء.. وهذا يكتب الكلمات.. وقد اخترت انا الأخيرة.. لقد اصبحت مؤلف الفرقة.. وفى اقل من 24 ساعة وضعت اغنيتان..احداهما دينية والاخرى من هذا النوع المتعارف علية بالرومانسى..وقام العمل على يد وساق ..وقام الصديق بتلحينها..ليأتى لنا فى صباح اليوم التالى.. ولكننى اختلفت معه على ركاكة اللحن .. فإختلفنا يومها فى وجهة النظر وسحبت كلماتى منه..وتعالت اصواتنا فى هذا اليوم لتملآ الفناء الذى يجمعنا.. بينما كان هناك شابا يجلس بعيدا وفى حضنه جيتار ، لا يكلم احد..انه فقط يعزف.. على جيتاره وكأنه يبكى به حظه..
لم نقترب منه او نحادثه.. خُيل الينا انه مغرور.... ولم يكن احدا منا يتصور ولو للحظة واحده أن هذا الشاب الذى يحتضن جيتاره ويعزف وكأنه يبكى حظه.. سيصبح فيما بعد .. احد نجوم الغناء الشباب.. ويطلقون عليه الأن فى

الفضائيات نجم الجيل .. هذا الذى كان صامتا.. ونحن نتكلم..

الحلقة الثانية :

(م.غ) .. فتاة غريبة.. واحيانا مجنونه ..لكن قلبها الصغير يحمل من الرقة ما يكفى لملئ قلوب اهل الأرض جميعا ،عرفتها فى ظروف غامضة..وفترة شابهها الملل.. طلبتنى للحديث ، فتحدثت معها.. تحدثت لمجرد اننى كنت احس بنوعا من الملل وتحدثنا مرة ثانية وثالثه.. واحببت حديثها.. هذا الحديث الذى يغلفه نوعا من سذاجة الاطفال فى كلامهم ..وتتكلم فى احاديث اكبر منها.. ولذا.. تعمدت فى ان احرجها اكثرمن مرة ، كنوعا من المداعبة ، فأعرض عليها مواضيعا، اعرف جيدا .. انها لن تستطيع ان تبت فيها.. كنت اراها طفلة تلهو فى البحر حافية القدمين وهى تتثائب.. لا تعرف لماذا جاء بها فى البحر او لماذا هى تتثائب.. واصبح الحديث معها اجمل ما فى هذا العالم.. لقد كبرت الطفلة التى كانت تتثائب واصبحت فتاه تضج خطوط ملامحها بالجمال..كبرت فى غفلة من الزمن..لترتدى القميص الابيض والمريول الكحلى ..وتنظر لى مبتسمة وكأنها تعلن عن تفتق انوثتها..
-----------------

الحلقة الثالثة :

صداقة اليوم الواحد، قد تمر علينا جميعا.. وكثيرا ما تحدث فى الأسفار.. او تحدث فى زيارة لمكان لن تأتى له مرة ثانية .. او ربما تأتى له مره ثانية، بينما الآخر لن يعود له مرة ثانية.. فهى صداقة مرتبطة بالوقت والمكان.. وعندما ينتهى الوقت ويتبدل المكان .. تصبح هذه الصداقة ، وكأنها لم تكن.. ويبقى شذى زكرياتها مترسبا فى افكارنا.. وقد عرفت (ن) من خلال هذا النوع من الصداقة.. صداقة اليوم الواحد.. فى احد المطاعم المقترنة بأعلى برج فى العاصمة.. كان كنغمة شاذه وسط لحن متناسق.. رث الثياب.. عيناه تظهر منها ايام كثيره ظلمته فيها الدنيا.. لايدل مظهره انه من هذا النوع.. رواد المطعم او البرج.. وحدث ان اقتربنا من بعض.. وبطبيعية وتلقائية ، تحدثت معه وكأنى اعرفه قبل ذلك.. وكأنى اشفقت عليه من نظرات الناس اليه .. هذا البائس.. واستقبل حديثى معه بفرح وتلقائية شديدة.. وتحدث.. لا اعرف لماذا سرد لى تاريخ حياته كاملا.. ربما ارتاح لى .. وهذا ما قاله بالفعل فيما بعد.. كان واحدا من الناس.. واحدا ظلمته الأقدار والدنيا.. لقد وجد نفسه بعد ان انهارت عائلته.. فى بيت تحكمة زوجة اب ..وكان وقتها طالبا فى المرحلة الثانوية.. سرد لى انواع من العذابات اذاقته له هذه الزوجة.. حتى قرر ان يترك لها البيت وبلدتهما الصغيرة ..ليأتى الى المدينه بكل الزخم الذى بها.. وقد وجد بعض المساعدة من الناس، اعانوه على ايجاد عمل ليكسب به قوته.. وتنقل من عمل الى عمل .. حتى استقرت احواله واشترك فى ايجار منزل متواضع للنازحين من القرى والمدن الصغيرة طالبين الرزق .. واصبح لديه اموالا من عمله المتواضع.. حتى انه اصبح يدخر منه.. ويأتى بين الحين والآخر لتلك الاماكن الراقيه، كنوع من التنزه.. وقال لى انه يفكر فى بناء عائله.. عائلة سعيدة.. انه يريد الزواج، والح على ان ارى البنت الذى يحبها.. وذهبت معه.. انها تعمل نادله فى احد الكازينوهات.. انها من نفس الحياة التى يعيشها .. حتى انه يبدو على وجهها ..انها ايضا واحده من الناس ظلمتها الأقدار والدنيا.. فبرغم البؤس ، والعالم الذى ادار عنهم وجهه..إلا انهم يمتلكون القدرة على تحدى الصعاب والسير على الآم الحياة.. لبيقوا فيها .. ليختلسوا منها لحظات سعادة .. وابتسمت له حبيبته من خلف الباب الزجاجى للكازينو .. بينما هنأته انا على ذوقه الرفيع.. وانتهت صداقة اليوم الواحد فى الخطوط الأولى من الفجر .. مع الوعد بلقاء آخر.. ولكنى لم اره بعد ذلك ..ولعلنى خرجت من هذا اللقاء بموضوع قصة جديدة ، قصة من واقع المجتمع .



-----

الحلقة الرابعة :
هذا تعنت.. ونظرة غير صائبة.. ووساطة ..ونظام رشاوى مقننه.. وعملاء وخيانة
..كانت هذه المصطلحات التى قلتها، بعد خروجى من اكبر مؤسسة صحفية فى موطنى،
كان غريبا ان يذهب طالب الثانوى الى هذه المؤسسة بدون سابق معرفة..وبدون مقدمات.. سوى انه قرر ان تُنشر اعماله فى هذه المؤسسة بالذات.. كان بالفعل نوعا من العبث.. هذه المؤسسة التى يكتب فيها جهابزة الكُتاب، واصحاب الأقلام، التى فى استطاعتها تحديد مصير وطن..وقلب الرأى العام.. حملت بعض من القصائد والمقالات.. فلم اكن وقتها اكتب القصص.. وذهبت للمؤسسة ، بناء على مشاورة مع الأصدقاء.. كان على اثرها، قرارى بالذهاب مباشرة للمؤسسة.. وطلبت ان اقابل رئيس قسم باب الهواه.. وبالفعل موظف الإستقبال كان متعاونا، وتركنى اصعد للدور ..بل ووصف لى مكتب السيد: رئيس قسم باب الهواه.. وفى مكتب السكرتارية.. حدثت مشاحنات، كان على اثرها ان خرج رئيس القسم بنفسه..
وطلبت منه قراءة اوراقى كاملة..قال اتركها وسنبت فيها الرأى فيما بعد.. ولكننى وددت معرفة الرأى فى الحال وهل ستُنشر فى العدد القادم ام لا ..حتى اجد الوقت لأذهب لمؤسسة صحفية اخرى..وقال ..إن النشر له اصول وقوانين، ليس كل ما يأتى لنا ننشره ..لابد ان نعرف كتابتك جيدا ونفحصها..كى لا يتخللها بعض الاسقاطات الدينية او السياسية..وهذه الصحيفة ليست حقل تجارب.. انزعجت من رأيه ..كيف له ان يفحص ما اكتبه فى الوقت.. الذى احيانا تُنشر في هذه الصحيفة مقالات لهواه تتسم بالتفاهه
انزعجت..ولملمت اوراقى.. وخرجت وانا العن ساخطا..واقول بملئ الفاه.. هذا تعنت.. ونظرة غير صائبة.. ووساطة ..ونظام رشاوى مقتته.. وعملاء وخيانة
، وقد نُشر موضوع لى اخيرا فىهذه الجريدة فى ظهور عصر الوساطة.ويا اصحاب القلم الرشيق اتحدوا

1 comment:

شاهنشاه said...

انت عجيب وغريب جدا وذكى جدا