Friday, October 31, 2008

ولم ينطفئ حبك (( 2 ))ـ






ولم ينطفئ حبك (( 2 ))ـ

خرج يحيى فى المساء يسير فى الشارع فى خطوات يائسة وبلا هدف .. يسير لمجرد السير ولا يعرف اين ستذهب به قدماه .. وتترائ امام عينه صورة مريم وهى تبتسم ابتسامتها الحلوه التى تبعث فى نفسه الراحه كدعوة لسلام العالم يحملها نبى لإسعاد امته ويرتاح.. وهو يرتاح دائما امام ابتسامة مريم حتى لو تخيلها دون ان يراها حقيقة متجسدة امامه .. ثم تصعد امام عينه صورة والدها فيمتلكه احساس بالقهر والظلم ، نعم إن والدها ظالم .. ظلم ابنته قبل ان يظلمه هو .. ان مريم تبادله نفس الحب بل يخيل اليه احيانا انها تحبه اكثر، ان ما بينهم عمر .. عمر طويل من الحب ، ثم تتلاشى صورة والد مريم وتظهر بدلا منها صورة والده .. فيبتسم ابتسامة رثاء لهذا الوالد عندما شاهده اليوم يبالغ فى الإعتذار لوالد مريم ونفسه منكسرة.. كأنه أخطأ خطئاً فادحاً ثم يسترجع بخياله زكرياته مع والده .. كان ابا حنونا بالرغم من فقره لم يبخل يوما على اولاده بشئ فى حدود مقدرته .. وكان يعافر فى الحياة حتى يدبر نفقات تعليمة هو واخته خديجة .. لم يفكر فى نفسه حتى بعد رحيل زوجته فى ان يتزوج مرة ثانية بل فضل ان يعيش حياته مع اولاده ولهم فقط .. كان يجاهد فى الحياة من اجل اولاده ،، كان يعتبرهم ثروته الحقيقية فى هذه الدنيا .. فبجانب حراسته للعمارة كان يبيع المثلجات امام بابها ويقضى احتياجات السكان من شراء اطعمة واشياء اخرى واحيانا يصعد لينظف الشقق وينظف سيارات اصحاب الشقق..كل هذا ولم يشك او يئن فى يوم.. بل كان يراه دائما راضيا
سعيدا .. كانت قمة سعادته عندما يجتمع مع اولاده على مائدة الطعام فى العشاء بعد عناء يوم وهو يشاهد التلفاز معهم وانفاس اولاده حوله تدفئه وتشعره بأنه غنيا بل اغنى من اصحاب الشقق الذى يخدمهم .. ... ثم تتلاشى صورة والده امام عينه وتظهر صورته هو.. يرى نفسه وهو على سلم الطائرة مسافراً للبعثة ومريم تودعه باكية وهو يبكى معها،، ويتفتق ذهنه لسؤال.. ماذا لو اخذها تسافر معه وتزوجها رغم إرادة والدها ‍‍‍.. لكن .. إن لها سنة فى الجامعة لم تنتهى، ثم ان هذا ليس حلاً وليست من اخلاقه ان يتزوجها بدون موافقة اهلها .. ويحتار وتشتد به الحيرة وهو يجهل مصيره مع مريم.. كيف سيتركها هكذا ويسافر.. ثم ماذا يفيد المستقبل والشهادة والدكتوراه بدون مريم .. انها المستقبل .. انها الحياة واذا فقدها فقد معها الحياة.. لا مستحيل ولكن ماذا بيده.. انه اضعف من ان يقف امام رغبة والدها واغرورقت عيناه بالدموع وهو يسير حتى تعب من طول السير والتفكير الذى طمس عقله وعاد منهمكا ولم
يعرف كيف عاد وكيف القى بنفسه على السرير بملابسه وحزائه ونام ................
----------------------------
فى الساعة الثامنة من صباح اليوم التالى قام يحيى من نومه واحداث الأمس مازالت معلقة برأسه وبدل ملابسه وخرج دون ان يتناول افطاره مع والده واخته كما اعتاد واتجه الى الجامعة الأمريكية.. كان عليه ان يقابل مريم يقابل ابتسامتها الحلوه التى تبعث فى نفسه الراحه.. راحة من الزوابع التى تساور عقله ويتكلم معها كثيرا ، لعله يرتاح وانتظر حتى تنتهى من محاضراتها .. انتظر طويلا امام الجامعة حتى لاح امامه خروج الطلبة والطالبات.. واقترب يكتشف مريم من بين زحام الطلاب ووجدها وما ان رأته حتى جرت عليه صائحة بإسمة
- يحيـــى.. قالتها وكأنها تستنجد به ، ولكنه لم يجد ابتسامتها الحلوه التى تبعث فى نفسه الراحه معلقة على شفتيها كلما تقابلا ، كانت تبدو حزينه مهمومة ونظراتها لا تستقر داخل عينيها وكأنها تحولت الى علامة استفهام كبيرة .. تسأله بها عن المجهول الذى ينتظرهما . وسارت معه دون ان يتبادلا اى كلام .. كانو يسيروا فى صمت وكأن ألسنتهم لم تعد تقوى على الكلام من ظلال الحزن المخيم عليهم.. حتى نطقت مريم فى صوت مُحشرج وقالت:
- لا يجب ان نستسلم من اول جولة يا يحيى.. اننا لم نفكر فى هذا الرفض ابداً بالرغم من انه كان احتمال متوقع..واستطردت.. انه خطئنا كان يجب ان نفكر فى هذا الإحتمال
وقاطعها يحيى قائلا وهو ينظر فى الارض
- وماذا لو فكرنا فيه ... ؟ ماذا كان سيحدث ... ؟ إن ابوك حكم علينا ظلما كالقاضى الذى يحكم بدون دليل او اثبات .. يحكم لمجرد ان واجبه يحتم عليه ان يحكم .. واستطرد.. انه خطأى انا يا مريم ..انا الذى عشت هذا الوهم دون ان ارى المسافة التى بينى وبينك .. انه سلم عالى،، عالى جداً لا استطيع الصعود اليه ..
فقالت مريم فى اشفاق
- لكن انا استطيع النزول يا يحيى لتقترب المسافة واستطردت . . ارجوك يا يحيى لن نُهزم من اول جولة وانا قلتها لأبى صريحة . . لن اتزوج احد غير يحيى .. لن يمسسنى احد غيرك .. وانت تعلم جيداً ما مقدار العند والإصرار التى تتصف به حبيبتك .. وانا متأكدة ان ابى سيلين بمرور الوقت ويرجع عن هذا القرار .. صدقنى يا يحيى هى مسألة وقت ليس إلا
وقال فى انكسار
- لا اعتقد انها مسألة وقت .. لو رأيتى نظرة والدك وهو يكلمنى امس لن تقولى ابداً انها مسألة وقت ، كانت نظرة كلها احتقار وتحد عنيف
وقاطعته مريم وهى تقول فى لهجة الواثق
- سافر يا يحيى
فقال مندهشا
- ماذا .......؟
وقالت بنفس اللهجة
- قلت لك سافر واطمئن لن اكون لرجل غيرك واستطردت .. ستعود وتجدنى فى انتظارك فى انتظار الدكتور يحيى .. لن اتنازل عن الدكتوراه ، هذا مهرى للزواج لو كنت تريدنى ، ووضعت يدها فى يده وهى تقول فى همس :
- - اطمئن يا يحيى انت دائما فى قلبى، وابتسمت ابتسامتها الحلوه.. هذه الإبتسامة التى تبعث فى نفسه الراحة
-----------------------
لم يبقى سوى اسبوع واحد ويسافر يحيى. كان مشغولا فيه بانهاء اوراق السفر من توقيعات واختام الجهات الحكومية ومكتب البعثات والإجراءات الأخرى للسفر ، وهو فى ذات الوقت مشدوه الفكر بين السفر ومريم فعندما يفكر فى السفر والحياة الجديدة التى تنتظره فى امريكا،، حياة جديدة لم يتعودها تقفزامامه صورة مريم وهى تبتسم ابتسامتها الحلوه التى تبعث فى نفسه الراحه فيفكر فيها وفى تاريخه معها.. انه عمر لا يستطيع ان ينساه .. انه حياة ومن يستطيع ان ينسى عمره وحياته واثناء تفكيره فيها تقفز امامه البعثة والسفر لأمريكا والدكتوراه و احلام الغد .. لابد انه سيكون غدا افضل .. عندما تعود من امريكا حاملا فى يدك شهادة الدكتوراه فى الفيزياء وتصبح بعدها استاذا فى الجامعة .. ثم تأخذه احلامه لبعيد ويتجسم فى خياله المستقبل الى اين ذاهب .. الى التدرج فى وظيفته كأستاذا فى الجامعة ثم عميدا لكلية العلوم ثم نائب رئيس الجامعة ثم رئيسا للجامعة وربما .. ربما وزيراً ، لِما لا..! انهم عادة يختارون اساتذة ورؤساء الجامعات فى منصب الوزارة ويفيق من احلامه وتبقى ابتسامة حلوه تملأ وجهه .. ابتسامة رضاء.. ابتسامة مريحة كالتى تبتسمها له مريم فتبعث فى نفسه الراحة فيرتاح،، انه يحس الأن انه مرتاح .. ربما لأنه اقتنع بكلام مريم.."انها مسألة وقت"، ومن يعلم فربما فعلا والدها يُغير رأيه عندما يراه استاذا فى الجامعة يحمل شهادة دكتوراه فى الفيزياء من امريكا والمجتمع يقدره ويحترمه.. من يعلم ..؟ واقنع نفسه بأنها مسألة وقت.
==================

8 comments:

طـائر الليــل الحـزين said...

احمد على نصار
انا عارفة انى اتأخرت عليك
بس صدقنى كنت الخسارنة عشان اتأخرت عن قراية الكلام الجميل ده . بجد بهنييك على اسلوبك لتانى مرة اقرالك وبجد وانا قمة ارتياحى لكلامك ولأسلوبك . انا بحس وانا بقرى الكلام ده انى شايفهم قدامى وبسمع الحوار ما بنهم . انا بحييك على اسلوبك الرائع فى قصة ولم ينطفىء حبك . مع يحيى ومريم بطلا القصة الرائعة بتعاتك
تحيـــــاتى ليك .
وانا فى انتظار الجزء التالت للقصة

شهد الكلمات said...

ازيك يا احمد عامل اية

تكملة جميلة للقصة و مستنية الجديد فيها

مين بقي جماعه مغامير دي انا ماعرفهاش قولي دي اية نظامها

و انا حطة اللينك بتاع الجروب يا احمد ع البوست ابقي ادخل و اشترك هاتشرفنا بجد

نيجي بقي لموضوع القصة انا عمري ما كتبت مسرحية بصراحة بس ده شعور جميل منك انك تخليني اكملها
انا عندي فكرة ابعتها ع الميل بتاعي و هاقراها لو قدرت اكملها هاكملها لكن لو حسيتها كبيرة عليا تبقي تنزلها بقي ع الجروب و الناس تكملها مع بضينا
شكرا ع الثقة

تحياتي

احمد على نصار said...

طائر الليل الحزين :مفيش تأخير ولا حاجه وبجد بشكرك علي كلام الجميل ويسعدني انك تكوني حاسه انهم قدامك وسمعاهم من مجرد القراية وتشريفك هنا له رونق خاص بدون مجامله حقيقي

احمد على نصار said...

ازيك انتي يا هاجر : انتي ما بتروحيش ساقيه الصاوي ولا ايه مش عارفه مغامير ماعلينا خلينافي موضوع المسرحيه مش صعبه ولا حاجه كل مافيها اقري كام مسرحيه مكتوبه واكتبي علي نهجها خصوصا وانتي قارئه عظيمه حابعتهالك ع الميل

اقصوصه said...

بصراحه ها اول جزء اقراه

بس عجبني جدا

وكلي شوق لقراءة البقيه :)

احمد على نصار said...

اقصوصة : شكرا علي زيارتك الأولي وانشاالله تابعي معنا التتمه/ تحياتي

DoNyA said...

ابتسامتها الحلوه التى تبعث فى نفسه الراحه كدعوة لسلام العالم يحملها نبى لإسعاد امته
::
::
جمله رائعه جعلتني ألملم خيالي الشارد
من هنا وهناك لاجمع شتات نفسي وأكمل رائعتك
....

احداث وحبه دراميه تتمثل في عقده تظلم بعدها الحياه وتنتهي بابتسامه تفتح ابواب الامل من جديد

رائع يا فنان
متابعه...

احمد على نصار said...

دنيا : مش عارف بجد اقولك ايه اشكرك على كلامك الجميل اوى ده ولا متابعتك الاجمل
واتمنى ان تكون الاجزاء عجبتك
تحياتى